زجاج مقاوم للحريق في السعودية الرياض

الزجاج المقاوم للحريق: حائط الأمان الشفاف
يعتبر الزجاج المقاوم للحريق (Fire-Rated Glass) تطورًا هندسيًا حاسمًا في مجال السلامة المعمارية، حيث يجمع بين الشفافية والجماليات التي يوفرها الزجاج التقليدي، وبين القدرة الفائقة على احتواء النيران والدخان والحرارة. لم يعد الزجاج مجرد مادة للفصل البصري، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من استراتيجيات السلامة من الحريق في المباني الحديثة، مما يمنح شاغلي المبنى وقتًا ثمينًا للإخلاء ويحد من انتشار الحريق.

ما هو الزجاج المقاوم للحريق؟
الزجاج المقاوم للحريق هو نوع خاص من الزجاج مصمم لتحمل درجات الحرارة العالية والنار المباشرة لفترة زمنية محددة. يختلف هذا الزجاج بشكل كبير عن الزجاج العادي (مثل الزجاج المصقول أو المقسى) الذي ينكسر بسهولة تحت تأثير الحرارة الشديدة أو الصدمات الحرارية. يعتمد تصميم الزجاج المقاوم للحريق على تركيبات كيميائية وهندسية فريدة تمكنه من الحفاظ على سلامته الهيكلية ومنع انتقال الحريق والدخان والحرارة.

كيف يعمل الزجاج المقاوم للحريق؟
تتعدد آليات عمل الزجاج المقاوم للحريق بناءً على نوعه، ولكنها جميعًا تهدف إلى تحقيق وظيفتين رئيسيتين:

الاحتفاظ بالسلامة الهيكلية (Integrity): القدرة على البقاء في مكانه ومنع مرور اللهب والدخان الساخن من جانب إلى آخر.
التحكم في انتقال الحرارة (Insulation): القدرة على تقليل انتقال الحرارة الإشعاعية والتوصيلية عبر الزجاج، مما يحمي المنطقة غير المعرضة للحريق من ارتفاع درجة الحرارة ويقلل من خطر الاشتعال الثانوي.
تعتمد أنواع الزجاج المقاوم للحريق على هذه المبادئ:

الزجاج السلكي (Wired Glass): يحتوي على شبكة معدنية مدمجة داخل الزجاج. عند تعرضه للحرارة، قد ينكسر الزجاج، لكن الشبكة المعدنية تحافظ على الأجزاء المكسورة في مكانها، مما يمنع انتشار اللهب والدخان. يوفر هذا النوع سلامة هيكلية جيدة، لكن قدرته على عزل الحرارة محدودة.
الزجاج المقسى أو المقوى كيميائياً (Tempered or Chemically Strengthened Glass): يستخدم كأساس لبعض أنواع الزجاج المقاوم للحريق. يتميز بمقاومته للصدمات، ولكن بمفرده لا يوفر مقاومة عالية للحريق؛ بل يستخدم غالبًا مع مواد أخرى لتحسين الأداء.
الزجاج المقاوم للحريق متعدد الطبقات (Laminated Fire-Rated Glass): يتكون هذا النوع من طبقات متعددة من الزجاج مع طبقات بينية (interlayers) خاصة من مواد هلامية شفافة (gel) أو مواد سيليكات الصوديوم (sodium silicate).
آلية العمل: عند التعرض للحرارة، تتفاعل هذه الطبقات البينية:
المواد الهلامية (Gel): تتصلب وتتوسع لتشكل حاجزًا معتمًا وعازلًا للحرارة، مما يمنع انتقال اللهب والحرارة.
سيليكات الصوديوم: تتحول إلى مادة عازلة غير شفافة تمنع انتقال الحرارة.
هذا النوع يوفر كلًا من السلامة الهيكلية والعزل الحراري الممتاز.
تصنيفات الزجاج المقاوم للحريق
يتم تصنيف الزجاج المقاوم للحريق بناءً على المدة الزمنية التي يمكنه خلالها مقاومة الحريق، وعادةً ما تكون هذه المدد: 30، 60، 90، 120، وحتى 180 دقيقة. يتم تحديد هذه التصنيفات من خلال اختبارات معملية صارمة وفقًا للمعايير الدولية (مثل UL، ASTM، EN).

تنقسم تصنيفات الزجاج عادة إلى فئتين رئيسيتين:

فئة السلامة الهيكلية فقط (Integrity Only – “E” or “EI”):

يمنع مرور اللهب والدخان لفترة زمنية محددة.
لا يحد بشكل كبير من انتقال الحرارة الإشعاعية.
عادة ما يستخدم في الأماكن التي يكون فيها الهدف الأساسي هو احتواء الحريق ومنع انتشاره المباشر، مثل الأبواب الداخلية أو الجدران الفاصلة التي لا تتطلب حماية من الحرارة الشديدة.
فئة السلامة الهيكلية والعزل الحراري (Integrity and Insulation – “EI” or “EW”):

يمنع مرور اللهب والدخان.
يقلل بشكل كبير من انتقال الحرارة عبر الزجاج، مما يحمي المنطقة الآمنة من ارتفاع درجة الحرارة ويقلل من خطر الاشتعال الثانوي للأثاث أو المواد القابلة للاشتعال القريبة.
يستخدم في الأماكن التي تتطلب حماية شاملة، مثل مخارج الطوارئ، الممرات، أو المناطق التي يتجمع فيها الناس أثناء الإخلاء.
استخدامات الزجاج المقاوم للحريق
تتعدد استخدامات الزجاج المقاوم للحريق في المباني المختلفة نظرًا لأهميته في استراتيجيات السلامة من الحريق:

الأبواب والنوافذ المقاومة للحريق: سواء كانت داخلية أو خارجية، تضمن بقاء مسارات الإخلاء آمنة وتحتوي الحريق داخل منطقة معينة.
الجدران والواجهات الزجاجية المقاومة للحريق: تستخدم للفصل بين المساحات الكبيرة دون التضحية بالضوء الطبيعي والمظهر الجمالي.
الأرضيات والأسقف الزجاجية المقاومة للحريق: في بعض التصاميم المعمارية الحديثة، توفر حلولاً جمالية ووظيفية.
حواجز المصاعد والسلالم: لحماية مسارات الهروب الرأسية.
المصانع والمستودعات: لفصل مناطق الإنتاج والتخزين الخطرة.
المستشفيات والمدارس والفنادق: حيث تكون سلامة شاغلي المبنى ذات أولوية قصوى.
مزايا الزجاج المقاوم للحريق
السلامة والأمان: يوفر وقتًا حاسمًا للإخلاء ويحد من انتشار الحريق، مما ينقذ الأرواح والممتلكات.
الجمالية والشفافية: يسمح بالتصميمات المعمارية الحديثة التي تعتمد على الضوء الطبيعي والمساحات المفتوحة دون المساومة على السلامة.
الالتزام بالمعايير: يساعد المباني على الامتثال للوائح ومعايير البناء والسلامة من الحريق الصارمة.
تقليل الأضرار: يحمي الممتلكات ويقلل من الخسائر الناجمة عن انتشار الحريق.
تعدد الاستخدامات: يتوفر بأنواع وتصنيفات مختلفة لتناسب مجموعة واسعة من التطبيقات.
اعتبارات هامة عند اختيار الزجاج المقاوم للحريق
التصنيف المطلوب: يجب أن يتوافق تصنيف الزجاج (مثل 60 دقيقة EI) مع متطلبات الكود المحلي للحريق للمنطقة المحددة في المبنى.
النظام المتكامل: لا يعمل الزجاج المقاوم للحريق بمفرده. يجب أن يكون جزءًا من نظام مقاوم للحريق متكامل يشمل الإطارات (الألمنيوم، الفولاذ)، مواد السد (sealants)، والأجهزة (المفصلات، المقابض) التي يجب أن تكون هي الأخرى مقاومة للحريق ومعتمدة. أي ضعف في أحد المكونات يلغي فعالية النظام بأكمله.
التركيب الصحيح: يجب أن يتم تركيب الزجاج المقاوم للحريق بواسطة متخصصين لضمان فعاليته الكاملة. أي خطأ في التركيب يمكن أن يعرض السلامة للخطر.
الشهادات والاختبارات: تأكد من أن الزجاج والمكونات المصاحبة له تحمل شهادات معتمدة من هيئات اختبار دولية موثوقة.
الخصائص الإضافية: يمكن أن يأتي الزجاج المقاوم للحريق بخصائص إضافية مثل العزل الصوتي، الحماية من الأشعة فوق البنفسجية، أو حتى الزجاج الذكي المتغير الشفافية.

للإطلاع على أعمالنا